تحت رعاية سعادة الشيخ الدكتور فالح بن ناصر آل ثاني، وكيل الوزارة المساعد لشؤون الزراعة والثروة السمكية، تم تدشين أول قطفة زعفران في الدولة لتكون أول مزرعة مختصة في إنتاج الزعفران في دولة قطر، وذلك بحضور السفير الإيراني بالدوحة والسيد جابر المنصوري مالك المزرعة ولفيف من كبار المسؤولين بالقطاع الزراعي بوزارة البلدية والبيئة ورجال الأعمال، ووصف الحضور المناسبة بأنها تشكل أول تجربة ناجحة في دولة قطر والمنطقة لزراعة الزعفران في الدولة.
وفي تصريحات لصحيفة «لوسيل» أشاد الشيخ الدكتور فالح بن ناصر آل ثاني بالتجربة التي أقيمت على مساحة 1350 مترا مربعا – هايدروبونيك وأرضي – واصفا الإنتاج بأنه «واعد ويبشر بالخير وبنجاح كبير لزراعة الزعفران في دولة قطر، وأن الوزارة سوف تدرس التجربة على ضوء نتائجها النهائية، وتقرر سبل الدعم المناسبة لها».
وأعرب الشيخ الدكتور فالح بن ناصر عن سعادته وترحيبه بهذا التعاون الزراعي بين الخبراء والفنيين والمزارعين الإيرانيين وأصحاب المزارع في قطر من أجل توطين المزيد من أنواع الزراعات التي تمكن الدولة من الاعتماد على نفسها.
وشدد على أن القطاع الزراعي في وزارة البلدية والبيئة يعمل بكل قوته ويستعين بكل التقنيات الحديثة من أجل تطوير هذا القطاع واستثمار مقدرات الدولة بشكل يعزز الأمن الغذائي ويمكن البلاد من تحقيق المزيد من النجاحات المتلاحقة، معربا عن تقديره لجهود أصحاب المزارع في قطر وتنافسهم في إدخال شتى أنواع الزراعات في البلاد.
وتفقد الشيخ الدكتور فالح بصحبة السفير الإيراني ومالك المزرعة صوبة الهايدروبونيك أو الزراعة المائية التي بدا خلالها إنتاج زهور الزعفران وبصيلاته غزيرة وشرح له المنصوري الجهود التي بذلها لأجل نجاح التجربة، كما تفقد العمال والخبراء وهم يقومون بفصل الزعفران عن زهوره عبر عملية إعداد وتصنيع معقدة، كما تفقدوا صوبة الزراعة الأرضية للزعفران.
خبرات إيرانية
ومن جانبه أعرب سعادة السيد حميد رضا دهقاني السفير الإيراني في الدوحة لـ «لوسيل» عن شعوره بالتفاؤل والخير بأن تكون من أولى مهامه في قطر القيام بزيارة لمزرعة زعفران قطرية تعد باكورة التعاون الشعبي بين البلدين في مجالات الزراعة.
وأكد السفير الإيراني أن الإيرانيين قلوبهم مفتوحة للتعاون مع الأشقاء في دولة قطر بجميع المجالات بما في ذلك المجالات الزراعية وتقديم خبراتهم للمنتجين في قطر، وتحرص بلاده على المشاركة في كافة الفعاليات التي تدعو لها بقطر.
وأوضح السفير الإيراني أن التقنيات الزراعية ومستلزمات الإنتاج بمزرعة الزعفران القطرية وردت من مدينة مشهد في إيران التي يجود بها إنتاج الزعفران، وأن صاحب المزرعة السيد جابر المنصوري يشيد بمستوى الإنتاج وكفاءة الفنيين الإيرانيين الذين مكنوه بأن يكون أول مزارع ينتج الزعفران في قطر.
ووصف السفير الإيراني التجربة بالناجحة وأن الجهد المبذول فيها جبار.
اكتفاء ذاتي
وقال رجل الأعمال السيد جابر المنصوري مالك المزرعة لـ”لوسيل” إن استهلاك قطر السنوي من الزعفران يصل إلى 700 كجم وأنه إذا ما تم منحه 50 ألف م2 من الأراضي فإنه يستطيع أن يسد ربع استهلاك قطر من الزعفران، وأنه حتى الآن لم يقرر طرح الكميات المنتجة في الأسواق حتى تتم زراعة المنتج اقتصاديا بيد أنها عندما تطرح ستكون أسعارها أقل من المنتجات المستوردة من تلك السلعة.
وفي كلمة ألقاها في الحضور قال المنصوري: إننا سعداء جدا بتدشين أول مزرعة في قطر تنتج الزعفران، حيث إن مثل هذه النباتات عادة ما توجد في إيران والمغرب وأفغانستان وإسبانيا وغيرها من الدول المعروفة واليوم نحتفل بحضور سعادة وكيل الوزارة المساعد لشؤون الزراعة والثروة السمكية، ومجموعة من المسؤولين في الدولة ورجال الأعمال لندشن المزرعة.
وأشار إلى أهم التقنيات التي قام بها خلال التجربة حيث تم استخدام تقنيتين للزراعة التقنية الأولى هي الهيدروبونيك، أما الطريقة الثانية تمثلت في تقنية الزراعة في التراب حيث تمت زراعتها في كونتينر على خمس طبقات والكونتينر مبرد بمساحة 150 مترا مربعا.
وأشار جابر المنصوري: إننا نطمح إلى زيادة في مساحات وإنتاج مشروع الزعفران ليتم توزيعه في السوق القطري كمنتج وطني، ونتطلع إلى احتضان وزارة البلدية والبيئة لهذا المشروع والذي سيكون بمثابة إنجاز بالنسبة للوطن لكون أنه يمكن القطريين من توفير الزعفران في أسواقهم الوطنية، بعد أن أثبتت التجربة نجاح زراعة المنتج من الزعفران وارتفاع مستوى جودته لأول مرة في قطر ودول مجلس التعاون.
وتعهد بأنه سيعمل على زراعة أكبر مساحة تتاح له من الزعفران وتوقع أن تتم تغطية ربع حاجيات السوق القطري ليصبح منتجا محليا وإذا تم الدعم من قبل الدولة نصبح قادرين على تغطية السوق القطري بشكل كامل خلال 5 أو 6 سنوات.
ويقول المنصوري لـ”لوسيل”: تتم زراعة الزعفران والعناية به بطريقة عضوية، دون استخدام أي أدوية كيميائية، بحسب حسين مهرامز، صاحب أحد حقول الزعفران بقرية غلسرا في تربت حيدرية. وأن صعوبة العمل في الزعفران تكمن في حصاده واستخراجه من الزهور، لأن عملية الحصاد لا تتم بالماكينات وينبغي القيام بكافة المراحل يدويا.
التكلفة الاقتصادية
ويقول المهندس الزراعي محمود الروبي: الزعفران يطلق عليه الذهب الأحمر، زهرة السعادة، ذهب الصحراء أو الزعفران، والزعفران الإيراني هو من أغلى التوابل في العالم، ويدخل في العديد من الصناعات الأخرى كالمشروبات والأدوية والعطور والنسيج.
وتنتج إيران وحدها نحو 95% من الإنتاج العالمي من الزعفران، الذي يعود تقليد زراعته إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام. ويتم تصدير الزعفران الإيراني وهو الأجود عالميا إلى 60 دولة. وتبدأ بصيلة الزعفران في الإنتاج بعد سنتين من الزراعة، ويمكن استخدامها لفترة تتراوح بين 6 أو 7 سنوات متتالية، يجب بعدها تغيير مكان الزراعة، فيما تنتج مساحة هكتار كامل (الهكتار 10 آلاف متر مربع) 4 كيلو جرامات فقط من الزعفران.
ووفق تقرير للزراعة الإيرانية: يخرج من الكيلو جرام الواحد من الزهور البنفسجية المقطوفة من الحقول 10 جرامات فقط من الزعفران أي أن 1% من الزهور يباع في شكل زعفران. وصدرت إيران خلال العام الجاري 281 طنا من الزعفران. ووفق دراسات جدوى لخبراء إيرانيين، تبلغ تكلفة زراعة حقل مساحته 10 آلاف م2 نحو 1170 دولارا. فيما تنتج مساحة هكتار كامل (الهكتار 10 آلاف متر مربع) 4 كيلو جرامات فقط من الزعفران.
فوائد الزعفران
ووفق خبراء الأغذية فإن الزعفران يحفز إفراز هرمون السعادة، كما يفيد في علاج الزهايمر وغيره من الأمراض ولذلك تزداد أهميته يوما بعد يوم على مستوى العالم. وقد استخدمه ابن سينا أيضا في عمل الأدوية، ويفيد الزعفران في محاربة أعراض الاكتئاب والشعور بالقلق والإحباط. يُحسّن عمل الجهاز الهضمي ويُسكّن المغص المعوي، ويعالج كلاً من الإمساك والإسهال المزمن. يُحسّن من صحة الجهاز التنفسي، يساعد على تقوية الدم وعلاج الأنيميا لغناه بالحديد، يقوي الجهاز العصبي المركزي، يحمي من الإصابة بأورام السرطان، وذلك لاحتوائه على مضادّات الأكسدة وخاصة الكاروتينات كالليكوبين والألفا بيتا كاروتين.
ويقول الخبراء إن الزعفران يدخل في العلاجات الطبيعية المستخدمة في المنتجات السياحية، حيث إنّه يزيل السموم المتراكمة في الجسم، يُنشّط الدورة الدموية الضعيفة ويقوي عمل الكبد والطحال ويمنع إصابتهما بالأمراض، يمنع الإصابة بأمراض القلب والشرايين، كما يساعد على تخفيض ضغط الدم المرتفع لغناه بالبوتاسيوم. يُحسّن الزعفران من مظهر البشرة، ويزيد من نضارتها وشبابها ويحميها من التجاعيد، ويبقيها ناعمةً ملساء خاليةً من العيوب، إضافةً إلى أنه يساعد على تفتيح لون البشرة. يعالج الأرق وصعوبة النوم خلال الليل، يمنع تساقط الشعر ويُعزّز نمو الشعر بسرعة. يقوي البصر ويزيل الغشاوة من العينين.
المصدر: لوسيل نيوز